لك الله من قلب يمزقه الألم
ويانفس صبراً إن ألم بك السقم
ينام خليُّ القوم ملء جفونه
ونوم ذوي الشوق المبرح كالعدم
تعلقتها عن غير قصد فأصبحت
خيالي وأفكاري التي تلهم القلم
فوالله لو مرت بشيخ معمر
عظيم التقى يوماً لحل به لمم
وراح يجيل الطرف في كل فاتن
وأنكر أعوام التهجد وانهزم
لها طلعة لن يلمح المرء مثلها
وإن طاف في دنيا العروبة والعجم
تناسقت الأعضاء فيها وإنها
لتمثال فنان ولوحة من رسم
ويطربني منها حديث مهذب
رقيق المعاني رائع الجرس والنغم
وإن ضحكت هزت قلوباً وأنعشت
نفوساً وألوت بالكآبة والسأم
وإن ضمها في ساعة الأنس مجلس
فإن جميع الحاضرين لها خدم
نظرت إليها نظرة جانبية
فأغضت حياءً وهي تعلم ما أكتتم
وقد سرني أني أثرت اهتمامها
وأن الهوى قد ثار في القلب واحتدم
وفي ليلة سدت طريقي كأنها
عمود ضياء شق ما ساد من عتم
فأطرقت والقلب المتيم خافق
إلى رشفة ترويه من شفة وفم
وقلت لها نفسي الفداء فإنني
أرى أن هذا الحسن يعبد لادرم
فكوني كما أبغي خيالا لشاعر
يترجم أسرار الجمال إذا نظم
ولكنها والله يغفر ظلمها
أشاحت وقالت أنت في الحب متّهم
وصدت صدودا لا أطيق احتماله
وبتت كما بات السليم ولم أنم
ولما مضى شقائي جن جنونها
وعادت وفي اللحظين يبتسم الندم
وسامحتها لما تساقط دمعها
دمانا ولما صدرها جاش بالألم
وهمت بتوديعي وجددت موعدا
يزيل الذي من هاجس الوهم قد نجم
ولم ترض إلا أن يكون لقاؤنا
غداة غد بين الكنيسة والحرم