بعيدةٌ.. بعيدةٌ عَدَنْ
الشمس ياملوَّث اليدين
ياملوَّث الأفكارِ والبدنْ
أقرب منْ عدنْ
فاركبْ حصانَكَ الهزيلَ
شُدَّ سيفك المكسور
حلّقْ وراءَ.. خارج الزمنْ
فَتِّش لأحلامِكَ يا مأفونُ عنْ قبورْ
فتِّش لأوهامِك عنْ وطنْ
كم مرَّ من هنا مخبولْ
كم دقّ في حدودِها الطّبولْ
وعاد خائباً يبكي خيالَهُ المهزوم
يبكي انتصارهُ الموهوم..
تناثرتْ
مزقت طبوله تحت حوافر الخيولْ
وقبلَ أنْ تبدأ لحظةُ الهجومْ
كانْ غريقاً يشربُ الدمَاءَ
والوحول...
عَدَنْ ..
بعيدةُ المنالْ
أبعدُ أنْ تلمسها
أبعدُ أنْ تنالْ
لمنْ إذنْ تلملمُ الحشودْ
نضاجعُ الأوهام والخيالْ
توزِّع الأكفان للجنودْ
تبيعُ أحلامكَ في الصَّحْراءِ للقرود؟
لمنْ تمارسُ التَّهريجَ
تسترضي قصورَ الوَهْم
والرِّمالْ
تقدِّمُ القُرْبانَ
راكعاً أمامَ عرش النفطِ
والنقودْ
لمنْ أخا الأوهام والخبالْ
تقدِّم السُّجُودْ؟
ماكلّ ماتريدُهْ يكونْ؟
وأيُّ شيءٍ قد أردتَهُ فكانْ؟
تاريْخُكَ الجديدُ والقديمْ
مقبرةٌ للخِزْي والهوانْ
وحيثُما ذهبتَ بائعاً
وراكعاً تهونْ
تسخرُ منكَ الكلمات في اللسانْ
والنظراتُ في العيونْ...
حتى المنافقونْ
أتباعُكَ المنافقونْ
حينَ يشاهدونَ وجهَكَ القبيحَ
يخجلونَ
ينفخونَ في الهواءِ
ينفثونَ من سيجارِهم
سيلاً من الدُّخانْ
ليختفي وراءَهُ تمثالكَ الجبان..
خَفِّفْ على حصانِكَ الهزيل
(دونكيشوت)
أغْمِدْ حسامك الكسير
أعد رجالَنا
أطفالَنا إلى بيروتْ
مَزِّقْ طموحَكَ الحقيرْ
فكم لبسْنا منْ يديكَ ثوبَ العارِ
كم شربْنا نَخْبَكَ المريرْ
يكادُ فَجْرُنا على يديكَ أنْ يموتْ
جبالُنا توشكُ أنْ تطيرْ
وأنتَ في برلينَ، في بيروتْ
تبيعُ ماتبقّى
تشتري اللّذّاتِ للأميرْ
تُعِدُّ للتحرير
بعيدةٌ
بعيدةٌ عدن
قلوبنا من حولها، عيوننا أسوارْ
من أفقها يطل ّكالعملاق (ذويزن)
يحرسُ يومها الكبيرْ
يديرُ وجهها للشمس للنهارْ
يحفظُها من نفسِها
من خصمِها من الزَّمنْ
يوقدُ في المصابيح جديدَ النارْ
يحفظُها من نفسِها
منْ خصمِها، من الزَّمنْ
يوقدُ في المصابيح جديدَ النارْ
فأينَ (دونكيشوتُ) وجهَ العارْ
منهُ، ومنْ عَدَنْ