سَجِّلْ مكانك في التاريخ ياقلمُ
فههنا تُبعثُ الأجيالُ والأممُ
هنا القلـوبَ الأبيّاتُ التـي اتحدت
هنا الحنانُ، هنا القربى، هنا الـرَّحمُ
هنا الشريعةُ من مِشْكاتها لمعت
هنا العدالةُ والأخلاقُ والشيمُ
هنا العروبة في أبطالِها وثبت
هنا الإباءَ، هنا العليـا، هنا الـشّممُ
هنا الكواكبُ، كانت في مقابرها
واليومَ تشرقَ للدنيا وتبتسمُ
هنا الصوارمُ في الأغــمادِ ثائرة
هنا الـضياغمُ في الغاباتِ تـصطدمُ
هنا البراكـينُ هبّت مسن مضاجعها
تطغى، وتكتـسح الطـاغي، وتلـتهم
لسنا الأولى أيقظوها من مراقدها
الله أيقظها: والسخط، والألمُ
شعبٌ تَفَلّتَ من أغلالِ قـاهرِهِ
حُرّاً فأجفلَ منَهَ الظَلْمُ، والظّلَمُ
نبا عن الـسجن ثم ارتدّ يهدمه
كي لا تُكبّل فيه بعده قدمُ
قد طالما عذّبوه، وهو مصطبرٌ
وشدَّ ما ظلموه، وهو محتكمُ
لم يكفهم، أنّه عبدٌ، وأنهمُ
أربابُه، يحسبون الله دونهمُ
أذاب مهجته فـيهم، فما اعترفوا
بها، ولا قَنِعوا منها، ولاسئموا
إنّ القيودَ التـي كانت عـلى قـدمي
صارت سهاماً، من الـسجّان تنـتقمُ
إن الأنينَ الذي كُنّا نُردّدهُ
سرّاً، غدا صيحةً تـصغي لها الأممُ
والحقّ يبدأ في آهاتِ مكتئب
وينتهي بزئير ملؤه نِقَمُ
جودوا بأنفسكم للحقِّ، واتحدوا
في حزبه، وثقوا بالله، واعتصموا
لم يبق للظالمين اليومَ من وزر
إلا أنوفٌ ذليلاتٌ ستنحطم
إنّ اللصوصَ وإن كانوا جبابرةً
لهم قلوبٌ من الأطفال تنهزمُ
والشعبُ لو كان حياً، ما استخفّ به
قردٌ، و لاعاث فيه الظالم النَّهِمُ