رُوَيْداً بِصَبٍّ حَليفِ الكَمَدْ
وَرِفْقاً بقلبٍ جَواهُ اتَّقَدْ
فوَا رحْمَتا لمُحِبٍّ عَمِيدْ
براهُ النَّوَى وبهِ الوَجْدُ جَدْ
ولي بَدرُ حُسْنٍ رَمَى إذْ رَنَا
وقَدَّ فُؤادي بلَحْظٍ وقَدْ
ولي شاهدٌ مِن بقايا دَمِي
على وجْنَتيه إذا ما جَحَدْ
فلا تأخُذوا قَوَدي إنْ أمُتْ
ففي شَرْعِ أهلِ الهَوى لاَ قَوَدْ
مليحٌ إذا ما بَدا قالَ مَنْ
رآهُ: تعالَى الحَكيمُ الصمَدْ
على خَدِّه خالُ حُسْنٍ بهِ
تَلظّى فؤادي وصبري نَفَدْ
وفي ثغرِهِ بَرَدٌ لحظُهُ
حَماها بماضيهِ مِمَّنْ قَصَدْ
فواحَرَبَا مِنْ لِحَاظٍ حَمَى
رَحيقَ الثنايا وثغْرٍ بَرَد
وفي الخدِّ ماءُ البها جامِدٌ
وقلبي يذوبُ بهاءٍ جَمَدْ
وسُقْمي أقام ودمعِي جَرَى
مِنَ العينِ عينا وفي الخَدَّ خَدْ
ولمْ أنسَ عَهْدَ ليالي الوِصَالْ
ليالٍ بها زالَ عنَّا النَّكَدْ
وشدّ السرورُ على همِّنَا
بِعَوْدٍ فَفَرَّقَهُ حينَ شَدْ
وأتَبَعَهُ أسْهُماً ريشُها
وأوتارُها منهُ تُوهي الجَلَدْ
ليالٍ هِيَ العَيشُ لا مِثْلُهَا
ليالٍ ولا مِثلُها في الأبَدْ
كأنَّ الزمانَ بها عاشِقٌ
وفي مَوْرِدِ الحُبِّ مِثلي وَرَدْ
فطابَ وطابَتْ وطابَ الهَوَى
فهلْ لي إلَى عَهْدِها مِنْ مَرَدْ
ولكنْ مُعيني إِلَهُ العبادْ
بِسَيفٍ نَضَاهُ على مَنْ مَرَدْ
نَصيرِ الهُدَى أحمد النَّاسِ مَنْ
مَناقِبُهُ في المَلاَ لا تُعَدْ
هُوَ الشمسُ للدِّين لكنَّهُ
إذا ثارَتِ الحربُ فهْوَ الأسَدْ
لهُ هِمَّةٌ هَمُّهَا شَأوَها
بها نالَ ما لمْ ينَلْهُ أحَدْ
وصَارِمُ عَزْمِ لهُ حَدُّهُ
إذا اشتدَّ مِن حَدِّ سيفٍ أحدْ
يُحَكِّمُ في الناكثينَ النصالْ
فَتَقْضي وقالَ القضا يُعْتَمدْ
إذا ضحِكَتْ للِقاءِ العِدَا
بَكَى كلَّ رأسٍ فراقَ الجَسدْ
إليهِ الكَمالُ انْتَهَى والجَلالْ
وعِلْمُ النوالِ إليهِ يُرَدْ
فكمْ زَرَعَ الخيرَ في أهِلهِ
وزُرَّاع شَرٍّ لهُ كمْ حَصدْ
بشيخ مُصلَّاهُ في خَمْسِهِ
إذا لاحَ للقَرْم يوماً سَجَدْ
وفي خُمْسِهِ خَمْسَةٌ: وابلٌ
وحَلَّ وعقْدٌ وجَزْرٌ ومَدْ
لهُ الوُدُّ في قلبِ كلَّ امرئٍ
وفي كلِّ عُنْقٍ لَيُمنَاهُ يَدْ
أَمَاحي سوادَ جُيوشِ العِدِا
ببِيض ومُثبتَ مجدٍ بجِدْ
ومَن في طِلاب المعالي سَعَى
وجَدَّ وما زال حتَّى وَجَدْ
عن الناس طُرا ودنياي لي
غِنّى بكَ يا مَن سَمَا وانفردْ
فأنتَ العِبادُ وأنتَ البلادُ
وأنتَ المُرادُ وأنتَ المَمَدْ
أَأَصْحَبُ بعدكَ عُمْرِي فتًى؟!
ومنَ يصحبُ الذئبَ بعدَ الأسدْ
فمَن حملَ السيفَ عافَ العَصَا
ومَن وردَ النِّيلَ يَأبَى الزبَدْ
ومَن قامَ يبغي المُنى طالباً
فحيثُ يلاقي مناهُ قَعدْ