بُشراكَ هذا منارُ الحيّ ترمقُهُ
وهذه دُورُ من تهوى وتعشقُهُ
وهذه الروضةُ الغنّاءُ مُهديةٌ
مع النسيم شذا الأحباب تنشقُهُ
وتلك أعلامُهم للعين باديةٌ
تزهو بها بهجةُ النادي ورونقُهُ
فحيِّ سكَّانَ ذاك الحيِّ ان شَهِدَتْ
عيناك سربَ الغواني حين يطرقُهُ
واخلعْ به النعلَ والثُمْ تربةً عَبقَتْ
بالمسك لما مشى فيها مُقَرْطَقُهُ
جد في الربوع بمرجان الدموع ولا
تبخلْ فمحمرُّ دمع الحبِّ أصدقُهُ
واقرعْ على البُختِ بابَ الحانِ عن أدبِ
لعل يُفتحُ عند القرعِ مغلقُهُ
فثمَّ تلقَى الحسانَ البيضَ عاكفةً
في منظرٍ وردُه يذكو وزنبقُهُ
على تناوُلِ شيءٍ من خصائصِهِ
سَلْبُ النهى إنْ سرى فيها معتّقُهُ
تجلو أشعتُه غيمَ الهمومِ إذا
تصاعدت ويدُ الساقي تروّقُهُ
يدعو إلى كرمِ الأخلاقِ ساكبُهُ
بسائل من دم العنقودِ يُهْرِقُهُ
بدرٌ يدورُ على تلك البدورِ بما
يكاد في الكاس لولا المزج يحرقُهُ
من كلِّ غانٍ كأنَّ الليلَ طُرّتُهُ
والشمسَ غُرّتُهُ والسحرَ منطقُهُ
يزهو به من عقودِ الجيدِ لؤلؤها
كأنَّه من دراري الثغرِ يسرقُهُ
لدنُ القوام دقيقُ الخصرِ خاتمُهُ
لو شاء من غير تكليفٍ يمنّطقُهُ
ما أطيبَ العيشَ في أكنافهنّ وما
أولى الفتى بنفيسِ العمرِ ينفقُهُ
ألذُّه حيثُ كان الشملُ مجتمعاً
وشرُّه - لا قضى المولى- تفرقُّهُ