والليلة البال ما للنسمة السارية
هبت من الشرق فيها نفحة الكاذية
فيها شذى البن فيها الهمسة الحانية
عن ذكريات الصبا في أرضنا الغالية
والليلة العيد وأنا من بلادي بعيد
ما في فؤادي لطوفان الأسى من مزيد
قلبي بوادي «بنا» و«أبين» ووادي «زبيد»
هايم وروحي اسير الغربة القاسية
خرجت انا من بلادي في زمان الفنا
أيام ما موسم الطاعون قالوا دنا
وماتو اهلي ومن حظ النكد عشت انا
الباله عشت ازرع الارض احصد روحي الذاوية
ذكرت أخي كان تاجر أينما جا فرش
جو عسكر الجن شلوا ما معه من بقش
بكر غبش: أين رايح: قال: أرض الحبش
وسار.. واليوم قالوا حالته ناهيه
بكرت مثله مهاجر والظفر في البكر
وكان زادي من اللقمة ريالين حجر
وابحرت في ساعية تحمل جلود البقر
والبن للتاجر المحظوظ والطاغية
بحثت عن شغل في الدكة وداخل «عصب»
وفي الطرق والمباني ما وجدت الطلب
شكيت لاخواني البلوى وطول التعب
فقالوا: البحر، قلت: البحر واسعية
وعشت في البحر عامل خمسة عشر سنة
في مركب ( اجريكي ) اعور حازق الكبتنة
وسود الفحم جلدي مثلما المدخنة
وطفت كم يا بلوِّد أرضها قاصيه
من كان مثلي غريب الدار ما له مقر
فما عليه إن بكى وأبكى الشجر والحجر
أبكي لك أبكي وصب الدمع مثل المطر
ومن دم القلب خلِّي دمعتك جارية
غنيت في غربتي «يا الله لا هنتنا»
ومزق الشوق روحي في لهيب الضنى
راجع أنا يا بلادي يا ديار الهنا
يا جنتي يا ملاذي يا أمي الغالية