أحِبَّاءُ نحْنُ إذا ما الْتَقَيْنَا
أحِبَّاءُ نحن إذا ما افترقنَا
أحباءُ نحن إذا انتَصبتْ شوكةٌ وانتأيْنا
وإنْ هَطَلَتْ دِيمَةٌ وارْتَوينَا
أُحبُّك والشوكُ يملأُ دربي
وأَعشقُ فيكِ جراحِى وأَتْراحَ قلبى
واصطحبُ الـشوقَ مُقتحِماً مُوحشات المسالكْ
لا قَصْدَ لي
غيرَ فجْر التداني وأنوار حبِّى
وأكْرَهُ طولَ السِّفار إلى الوصل
أهفو إلى لحظةِ الإلتقاءْ
أرنُو إلى نقطةِ الإبتداءْ
مَضَيْتَ شريداً تُحِبُّ الجمالْ
و"صنعاءُ" ناضرةٌ ما تزالْ
ورُمْتَ السماءَ
وعانقْتَ أنجُمَها في الخيالْ
ووزَّعْتَ بسْمتَكَ الذاويه
على أرضِنا حيثُ نارُ "الغَضَى"
تُجَسِّدُ مِحْنَتَنَا الباقيهْ
وتُحرقُ أغصانُنا العاريهْ
وفي ليل مأسَاتِنَا بالخرابْ
مشَيتَ على شوكةِ الإغترابْ
وودَّعتَ حُلْمَكَ في "الحَيْمَتَيْن"
وسَهْل "الخسابْ"
وتلكَ الحقولُ بأرض "العُدَيْن"
ورغمَ الذّبُولِ على الوجْنَتَينْ
وبُؤْس القُرُوح على السَّاعِدَينْ
تَجَرَّأْتَ أنْ تَهزمَ الإنْتِحَابْ
برغم العَذابْ
وهجْر الصِّحابْ
فأهْدَيْتَنا بسمةً ذاويهْ
وقلتَ لنا كِلْمَةً باقيهْ:
إلى المُلْتَقَى عندَ بَدْءِ النهارْ
وحبِّى لكمْ ولِكُلِّ الدِّيارْ
ولَّما التَقَيْتُكَ
كنْتَ العذابَ الطويلْ الطويلْ
وكنتَ اللقاءَ القصيرْ
وكنتَ الرُّؤى إذ نَسَجْتَ القَصيدْ
وكنتَ بأُذْن غِناءِ الصغارْ
وأصداءَ ترنيمَةٍ في شِفاهِ الكبارْ
وكنتَ المسافرَ دونَ وداعْ
وكنتَ السَّفِينَ التى أُشرعَتْ
عبرَ بحر الضياعْ
ورغمَ الجراحْ
ظلْلتَ تُغنِّى
تناجى أخاكَ المسافر:
أجبنى أيَا أسْمَرَ الساعدينْ
ويا مَنْ سمَا رغمَ بؤْس اليدينْ
أَتَسمعُ رغمَ البعادِ الألِيمْ؟
نحيبَ اليتامَى ونوحَ السِّنينْ؟
فعصفورُنا عندَ كلِّ صباحْ
يشرقُ منطلقاً نحوَ عُمْق المُحِيطْ
لِيُرشِدَ قافلةَ المُسْهَدينْ
ويعلن للناس فى كلِّ دارْ
صبراً جميلاً
إذا طالَ وقتُ الشتاءْ
وصبراً جميلاً
إذا غابَ جيلٌ مِنَ الأَشْقياءْ
وصبراً جميلاً.. إذا لَمْ نَعُدْ
وإنْ طالَ وقتُ انتظار النهارْ
وحينَ التَقَيْنَا
وحينَ افترقن
هتفنا بأَذْن الصباح الجريحْ:
يظلُّ اللقاءُ قربياً
على أيٍّ حالْ
تظلَّ الأماني
أفانينَ حبٍّ على صدر " عيبانَ"
نلْمَحُها عبْرَ شوكِ المسافاتِ
في كلِّ حين وحالْ
وتَبْقَى بـ"سيْئون" أٌغنيةً
للسَّهارَى اللواتي انتظرْنَ - ومازلْن
فجرَ الوصالْ
ويبقى العذابُ
ويقوَى الفراقْ
ونَبْقَى نُغَنِّى على البحر والساعيهْ
وتبقى بآذانِنَا أُغنياتُ العذارَى
قريبا يتمُّ اللقاءْ
قريباً تطلُّ شموسُ النهارْ
فمأساةُ "مأربَ" قدْ أوْقَدَتْ
مراجلَها فى صُدور الصِّغار